بورصة مينا البصل الاسكندرية الثلاثينات
إن البورصة المصرية تعد ثالث اقدم بورصة في التاريخ ويصل عمرها إلى قرابة 135 عاما وتحتفظ البورصة المصرية بمخطوطات ومحاضر مجالس إدارات وسجلات وإصدارات لعمليات التداول والطروحات ومخاطبات بين المسئولين والشركات منذ عام 1890 والتي كانت باللغة الفرنسية في ذلك الوقت إضافة إلى صور رؤسائها منذ إنشائها.
والبورصة المصرية شهدت تنفيذ أول عمليات بيع وشراء على القطن بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية عام 1879 قبل تصديرها إلى أوروبا أعقبها انشاء بورصة الإسكندرية رسميا في عام 1883 وتلتها بورصة القاهرة.
و إنشاء متحف خاص بالبورصة بمقرها بوسط القاهرة لعرض تاريخ بورصة مصر التي تعد من أعرق المؤسسات انعكاس ل مكانتها الكبيرة عبر تاريخ مصر الاقتصادي عكست فيه تطورات الأوضاع سياسيا واقتصاديا في مصر منذ إنشاءها في الربع الأخير من القرن الـ 19.
و أن البورصة تحتفظ بمخطوطات ومحاضر مجالس إدارات وسجلات وإصدارات لعمليات التداول والطروحات ومخاطبات بين المسئولين والشركات منذ عام 1890 والتي كانت باللغة الفرنسية في ذلك الوقت.
وتعتبر البورصة المصرية واحدة من أقدم البورصات التي تم إنشاؤها في الشرق الأوسط، حيث تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر عندما نفذت أول عمليات بيع وشراء على القطن بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية عام 1879 والتي كانت قريبة من أوروبا اعقبها انشاء بورصة الإسكندرية رسميا في عام 1883 وتلتها بورصة القاهرة عام 1903.
وشهدت البورصة المصرية تنفيذ أول عملية مسجلة في تاريخها عام 1885 من خلال بورصة القطن بالإسكندرية بمقهى أوروبا بميدان دي كونسي والذي سمى لاحقًا ميدان محمد على، قبل أن ينشئ الخيديوي عباس الثاني عام 1899 بورصة الإسكندرية رسميا بعدها انتهجت مدينة القاهرة نهج الإسكندرية وأسست بورصة خاصة بها عام 1903 بمقهي نيوبار بوسط القاهرة.
تشكل منطقة " مينا البصل " أحد الأقسام الإدارية لمحافظة الإسكندرية حيث يحتل هذا القسم جزءاً كبيراً من مساحة حي غرب المدينة ، ويحوي مناطق وأحياء شهيرة ومتعددة كمنطقة "القباري" و"الورديان" و"المفروزة" وغيرها ، وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية التي تشكل إحدى أهم المناطق الشعبية بالمدينة .
أما المنطقة التي تسمى "مينا البصل" ذاتها ، فهي منطقة محدودة المساحة ذات كثافة سكانية منخفضة حيث تكون خالية من السكان على الرغم من كونه قسم إداري كامل للمدينة يحمل ذات مسماها ذو كثافة سكانية تعتبر من أكبر الكثافات الموجودة بالمدينة.
تعتبر منطقة "مينا البصل" منطقة حديثة نسبياً ، حيث لم يكن لها وجود تاريخي قبل أن تنشأ في عهد والي مصر " محمد علي باشا " حينما قام بتعمير "الميناء الغربي" وتوسعته وتعميقه لترسو فيه السفن بعد أن كانت ترسو بعيدة عنه ، كما أذن للسفن الأوروبية بأن تدخل تلك الميناء بعد أن كان غير مباح لها منذ عهد "المماليك" أن ترسو سوى في "الميناء الشرقية " ، وبعدما وافق وأذن "محمد علي" بالرسو في "الميناء الغربية" أخذت السفن الأجنبية تتوافد على الإسكندرية واتسعت حركة التجارة ، وكانت الصادرات المصرية أغلبها من الحاصلات الزراعية التي أصبح يحتكرها "محمد علي باشا" من خلال سياسة الأحتكار التي طبقها في إطار محاولته النهضوية لبناء دولة عصرية ، فكانت حينئذ من أهم المحاصيل الزراعية المصرية التي تصدر عن طريق هذا الميناء " البصل " ، والذي كان يحتل مكانة كبيرة في قائمة الصادرات المصرية أثناء تلك الفترة خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وظل كذلك حتى نهائيات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث كان يأتي دائماً في المرتبة التالية للقطن وبذرته حيث بلغت صادراته عام 1884م مبلغ 402ر33 ألف جنيه زادت إلى 340ر393 ألف جنيه عام 1905م ، وكذلك 497ر275 ألف جنيه عام 1913م ولعل تميز مصر في مجال تصدير "البصل" في تلك الفترة راجعاً إلى أن "البصل" محصول يزرع في جميع نواحي مصر العليا والسفلى على السواء ، كما وأنه من المحاصيل التي يمكن تخزينها على مدار العام دون تلف ليظل مصدراً رئيسياً لإمداد الأسواق الأوروبية وحتى بدأ في مزاحمته " البصل الأسباني " وذلك مع بداية عقد العشرينيات من القرن العشرين .
لذلك كله امتلأت تلك المنطقة المحيطة بهذا الميناء الناهض "الميناء الغربي" منذ فترة مبكرة وخلال فترة النصف الأول من القرن التاسع عشر بشون البصل ومخازنه لكي تستقبل كميات البصل الواردة بكثرة عبر المجرى المائي لترعة "المحمودية" في ذات المنطقة حتى أشتهرت تلك المنطقة بذلك ليطلق عليها اسم "ميناء البصل" وللآن، وفي عهد والي مصر "عباس الأول" تم تقسيم الأراضي الفضاء المجاورة للميناء الغربي تلك المنطقة بين أهل المدينة ، لتبنى كمخازن لتلقى البضائع الصادرة والواردة عبر الميناء حيث كان أهمها "البصل" ، لتتحول المنطقة من منطقة غير ذات قيمة لتصبح منطقة مرتفع القيمة ذات أبنية حديثة ولتتحول لتصبح على حد تعبيرعلي باشا مبارك في خططه "مركزا لعموم تجارات مصر " ، وزاد من قيمتها تلك ارتباط "الميناء الغربي" بترعة "المحمودية" عند تلك المنطقة مما سهل حمل البضائع ذهاباً وإياباً عبر المجرى المائي لها إلى داخل وخارج القطر وحتى قبل الإنتهاء من إنشاء السكك الحديدية عام 1856م كانت المنطقة قد بلغت من الأهمية الشيء الكبير ، حيث كانت المراكب تأتي إليها مع كثرتها وتمتد على الجانبين لمسافة تزيد عن الكيلومتر لتنتظر دورها في الشحن والتفريغ .
ومع تشييد المحطة الرئيسية للسكك الحديدية بالإسكندرية في ذات المنطقة وتحديداً عند منطقة "القباري" وكذلك مد خط حديدي خاص بالميناء ، زادت قيمة المنطقة كثيراً ليتحول النقل بالمنطقة من نقل نهري فقط عبر ترعة المحمودية إلى نقل نهري وكذلك بري بواسطة السكك الحديدية ، وقد دعى ذلك لإدخال العديد من الترتيبات والتحسينات الحضرية والعمرانية بالمنطقة بعد ذلك ، حيث قام الخديوي "إسماعيل" عام 1870م بتبليط المنطقة لخدمة أغراض التجارة .
ومع ارتفاع أسعار القطن المصري خلال العقود الأولى من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وذلك كنتيجة لنشوب الحرب الأهلية الأمريكية ، قفزت الصادرات المصرية من القطن وزاد حجم وقيمة التجارة الخارجية ، فنشأت نتيجة لذلك في تلك المنطقة "مينا البصل" سوق للبضاعة الحاضرة وبخاصة من القطن حيث تأسست تلك السوق عام 1872م ، ولتتحول تلك السوق إلى "بورصة" أطلق عليها "بورصة مينا البصل" حيث كانت تلك البورصة، وكما ذكر "علي باشا مبارك" في خططه "ملكا للدائرة السنية (أي تابعة لأملاك الخديوي) وهي معدة لأشغال التجارة من قطن وقمح وما أشبه ذلك"، وبذلك قامت تلك البورصة بمنطقة "مينا البصل" عندمصب ترعة "المحمودية" بالقرب من بوابات "الميناء الغربي" على البحر المتوسط والأرصفة الجمركية ، وبالقرب من محطة سكك حديد "القباري"، وكذلك وسط الشون والمخازن ، ليتفاعل كل ذلك وليؤهل تلك البورصة على تأدية وظيفتها كسوق للبضاعة الحاضرة ، وفي عام 1883 م كون كبار تجار الصادرات المصرية وممثلي المصارف التجارية بالإسكندرية وعلى رأسهم مدير البنك الإنجليزي المصري بالإسكندرية "شركة بورصة مينا البصل التجارية المصرية" وذلك بغرض السيطرة والإشراف على سوق البضاعة الحاضرة ، كما كان من أغراضها أيضاً تنظيم تصدير الحاصلات الزراعية المصرية الرئيسية في تلك الفترة كالقطن وبذرته وكذلك "البصل" ، كما تأسست في ذات الوقت "شركة مينا البصل" حيث أقامت مبناها المعروف بذلك وتم تأجيره لأعضاء شركة المحاصيل العمومية ولغيرهم وبداخل ذلك المبنى القائم بمنطقة "مينا البصل" أصبحت تقع مكاتب تجارة الصادرات ومكاتب المصارف وغيرها .
وراجت الحركة التجارية وازدهرت بتلك المنطقة، فكثرت الشون والمخازن وافتتح العديد من أفرع البنوك والمصارف وشركات التأمين بالمنطقة وغيرها ، وهمين كبار بيوتات التصدير على البورصة كبيوت "بيل" و"كارفر" و"فيني" و"بناكي" و"رينهات" وغيرهم من الأجانب ممن أصبحوا من أصحاب الملايين نتيجة قيامهم بالعمل في مجالات تصدير القطن المصري .
وأختلفت "بورصة مينا البصل" عن "بورصة المنشية" ، حيث كان التعاقد في "بورصة مينا البصل" يتم على أساس التعامل على الأقطان الجاهزة وقت التعاقد ، فهي كانت أشبه بسوق الخضر والفاكهة حيث تعرض فيها البضائع ويتم شراؤها فوراً بعد المعاينة فالأستلام ودفع الثمن ، أما فيما يخص "بورصة الأوراق المالية بالمنشية" فكانت تختص بالعقود حيث كان القطن فيها ليس مجهزراً للتسليم الفوري وإنما أجلا حيث يستحق التسليم في المستقبل.
وقد تمكنت الحكومة من إخضاع "بورصة العقود" لإشرافها عام 1909م بينما تأخر ذلك الإشراف على "بورصة مينا البصل" للبضاعة الحاضرة حيث جاء إشراف الحكومة عليها عام 1931م ، وظلت البورصة تحت رئاسة الأجانب منذ نشأتها حتى تولى رئاستها "محمد أحمد فرغلي باشا" (ملك القطن) حيث كان أول مصري يتولى الرئاسة وذلك مع نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين لتصبح بذلك أول مرة ينتخب فيها صرياً لرئاسة واحدة من أقدم بورصات العالم حيث "فرغلي باشا" في تلك الفترة لازال في سن صغيرة ليصبح الرئيس المصري لبورصة "مينا البصل" في ذات الوقت أصغر من شغل هذا المنصب سنا ، ولتستمر البورصة بعد ذلك في تأدية رسالتها وحتى قيام ثورة يوليو عام 1952م وما أعقبها من تغير في السياسات الإقتصادية للبلاد لتلغي البورصة بعد ذلك في أعقاب عمليات التمصير والتأميم ، وليتبقى للمنطقة المسمى فقط شاهداً على عصرا من الازدهار التجاري ، ولتشهد المنطقة مع بدايات القرن الحادي والعشرين نقلة حضارية جديدة مع وصول مشروع تطوير مجرى ترعة المحمودية إليها وكذا تهذيب منطقة الشون لتوسعة المحاور المرورية بتلك المنطقة التجارية الهامة والحيوية ، ولتسطر بذلك منطقة "مينا البصل" صفحة جديدة من صفحات التاريخ في الإسكندرية .
والبورصة المصرية شهدت تنفيذ أول عمليات بيع وشراء على القطن بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية عام 1879 قبل تصديرها إلى أوروبا أعقبها انشاء بورصة الإسكندرية رسميا في عام 1883 وتلتها بورصة القاهرة.
و إنشاء متحف خاص بالبورصة بمقرها بوسط القاهرة لعرض تاريخ بورصة مصر التي تعد من أعرق المؤسسات انعكاس ل مكانتها الكبيرة عبر تاريخ مصر الاقتصادي عكست فيه تطورات الأوضاع سياسيا واقتصاديا في مصر منذ إنشاءها في الربع الأخير من القرن الـ 19.
و أن البورصة تحتفظ بمخطوطات ومحاضر مجالس إدارات وسجلات وإصدارات لعمليات التداول والطروحات ومخاطبات بين المسئولين والشركات منذ عام 1890 والتي كانت باللغة الفرنسية في ذلك الوقت.
وتعتبر البورصة المصرية واحدة من أقدم البورصات التي تم إنشاؤها في الشرق الأوسط، حيث تعود جذورها إلى القرن التاسع عشر عندما نفذت أول عمليات بيع وشراء على القطن بمنطقة مينا البصل بالإسكندرية عام 1879 والتي كانت قريبة من أوروبا اعقبها انشاء بورصة الإسكندرية رسميا في عام 1883 وتلتها بورصة القاهرة عام 1903.
وشهدت البورصة المصرية تنفيذ أول عملية مسجلة في تاريخها عام 1885 من خلال بورصة القطن بالإسكندرية بمقهى أوروبا بميدان دي كونسي والذي سمى لاحقًا ميدان محمد على، قبل أن ينشئ الخيديوي عباس الثاني عام 1899 بورصة الإسكندرية رسميا بعدها انتهجت مدينة القاهرة نهج الإسكندرية وأسست بورصة خاصة بها عام 1903 بمقهي نيوبار بوسط القاهرة.
تشكل منطقة " مينا البصل " أحد الأقسام الإدارية لمحافظة الإسكندرية حيث يحتل هذا القسم جزءاً كبيراً من مساحة حي غرب المدينة ، ويحوي مناطق وأحياء شهيرة ومتعددة كمنطقة "القباري" و"الورديان" و"المفروزة" وغيرها ، وهي مناطق ذات كثافة سكانية عالية التي تشكل إحدى أهم المناطق الشعبية بالمدينة .
أما المنطقة التي تسمى "مينا البصل" ذاتها ، فهي منطقة محدودة المساحة ذات كثافة سكانية منخفضة حيث تكون خالية من السكان على الرغم من كونه قسم إداري كامل للمدينة يحمل ذات مسماها ذو كثافة سكانية تعتبر من أكبر الكثافات الموجودة بالمدينة.
تعتبر منطقة "مينا البصل" منطقة حديثة نسبياً ، حيث لم يكن لها وجود تاريخي قبل أن تنشأ في عهد والي مصر " محمد علي باشا " حينما قام بتعمير "الميناء الغربي" وتوسعته وتعميقه لترسو فيه السفن بعد أن كانت ترسو بعيدة عنه ، كما أذن للسفن الأوروبية بأن تدخل تلك الميناء بعد أن كان غير مباح لها منذ عهد "المماليك" أن ترسو سوى في "الميناء الشرقية " ، وبعدما وافق وأذن "محمد علي" بالرسو في "الميناء الغربية" أخذت السفن الأجنبية تتوافد على الإسكندرية واتسعت حركة التجارة ، وكانت الصادرات المصرية أغلبها من الحاصلات الزراعية التي أصبح يحتكرها "محمد علي باشا" من خلال سياسة الأحتكار التي طبقها في إطار محاولته النهضوية لبناء دولة عصرية ، فكانت حينئذ من أهم المحاصيل الزراعية المصرية التي تصدر عن طريق هذا الميناء " البصل " ، والذي كان يحتل مكانة كبيرة في قائمة الصادرات المصرية أثناء تلك الفترة خلال النصف الأول من القرن العشرين ، وظل كذلك حتى نهائيات القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حيث كان يأتي دائماً في المرتبة التالية للقطن وبذرته حيث بلغت صادراته عام 1884م مبلغ 402ر33 ألف جنيه زادت إلى 340ر393 ألف جنيه عام 1905م ، وكذلك 497ر275 ألف جنيه عام 1913م ولعل تميز مصر في مجال تصدير "البصل" في تلك الفترة راجعاً إلى أن "البصل" محصول يزرع في جميع نواحي مصر العليا والسفلى على السواء ، كما وأنه من المحاصيل التي يمكن تخزينها على مدار العام دون تلف ليظل مصدراً رئيسياً لإمداد الأسواق الأوروبية وحتى بدأ في مزاحمته " البصل الأسباني " وذلك مع بداية عقد العشرينيات من القرن العشرين .
لذلك كله امتلأت تلك المنطقة المحيطة بهذا الميناء الناهض "الميناء الغربي" منذ فترة مبكرة وخلال فترة النصف الأول من القرن التاسع عشر بشون البصل ومخازنه لكي تستقبل كميات البصل الواردة بكثرة عبر المجرى المائي لترعة "المحمودية" في ذات المنطقة حتى أشتهرت تلك المنطقة بذلك ليطلق عليها اسم "ميناء البصل" وللآن، وفي عهد والي مصر "عباس الأول" تم تقسيم الأراضي الفضاء المجاورة للميناء الغربي تلك المنطقة بين أهل المدينة ، لتبنى كمخازن لتلقى البضائع الصادرة والواردة عبر الميناء حيث كان أهمها "البصل" ، لتتحول المنطقة من منطقة غير ذات قيمة لتصبح منطقة مرتفع القيمة ذات أبنية حديثة ولتتحول لتصبح على حد تعبيرعلي باشا مبارك في خططه "مركزا لعموم تجارات مصر " ، وزاد من قيمتها تلك ارتباط "الميناء الغربي" بترعة "المحمودية" عند تلك المنطقة مما سهل حمل البضائع ذهاباً وإياباً عبر المجرى المائي لها إلى داخل وخارج القطر وحتى قبل الإنتهاء من إنشاء السكك الحديدية عام 1856م كانت المنطقة قد بلغت من الأهمية الشيء الكبير ، حيث كانت المراكب تأتي إليها مع كثرتها وتمتد على الجانبين لمسافة تزيد عن الكيلومتر لتنتظر دورها في الشحن والتفريغ .
ومع تشييد المحطة الرئيسية للسكك الحديدية بالإسكندرية في ذات المنطقة وتحديداً عند منطقة "القباري" وكذلك مد خط حديدي خاص بالميناء ، زادت قيمة المنطقة كثيراً ليتحول النقل بالمنطقة من نقل نهري فقط عبر ترعة المحمودية إلى نقل نهري وكذلك بري بواسطة السكك الحديدية ، وقد دعى ذلك لإدخال العديد من الترتيبات والتحسينات الحضرية والعمرانية بالمنطقة بعد ذلك ، حيث قام الخديوي "إسماعيل" عام 1870م بتبليط المنطقة لخدمة أغراض التجارة .
ومع ارتفاع أسعار القطن المصري خلال العقود الأولى من النصف الثاني من القرن التاسع عشر وذلك كنتيجة لنشوب الحرب الأهلية الأمريكية ، قفزت الصادرات المصرية من القطن وزاد حجم وقيمة التجارة الخارجية ، فنشأت نتيجة لذلك في تلك المنطقة "مينا البصل" سوق للبضاعة الحاضرة وبخاصة من القطن حيث تأسست تلك السوق عام 1872م ، ولتتحول تلك السوق إلى "بورصة" أطلق عليها "بورصة مينا البصل" حيث كانت تلك البورصة، وكما ذكر "علي باشا مبارك" في خططه "ملكا للدائرة السنية (أي تابعة لأملاك الخديوي) وهي معدة لأشغال التجارة من قطن وقمح وما أشبه ذلك"، وبذلك قامت تلك البورصة بمنطقة "مينا البصل" عندمصب ترعة "المحمودية" بالقرب من بوابات "الميناء الغربي" على البحر المتوسط والأرصفة الجمركية ، وبالقرب من محطة سكك حديد "القباري"، وكذلك وسط الشون والمخازن ، ليتفاعل كل ذلك وليؤهل تلك البورصة على تأدية وظيفتها كسوق للبضاعة الحاضرة ، وفي عام 1883 م كون كبار تجار الصادرات المصرية وممثلي المصارف التجارية بالإسكندرية وعلى رأسهم مدير البنك الإنجليزي المصري بالإسكندرية "شركة بورصة مينا البصل التجارية المصرية" وذلك بغرض السيطرة والإشراف على سوق البضاعة الحاضرة ، كما كان من أغراضها أيضاً تنظيم تصدير الحاصلات الزراعية المصرية الرئيسية في تلك الفترة كالقطن وبذرته وكذلك "البصل" ، كما تأسست في ذات الوقت "شركة مينا البصل" حيث أقامت مبناها المعروف بذلك وتم تأجيره لأعضاء شركة المحاصيل العمومية ولغيرهم وبداخل ذلك المبنى القائم بمنطقة "مينا البصل" أصبحت تقع مكاتب تجارة الصادرات ومكاتب المصارف وغيرها .
وراجت الحركة التجارية وازدهرت بتلك المنطقة، فكثرت الشون والمخازن وافتتح العديد من أفرع البنوك والمصارف وشركات التأمين بالمنطقة وغيرها ، وهمين كبار بيوتات التصدير على البورصة كبيوت "بيل" و"كارفر" و"فيني" و"بناكي" و"رينهات" وغيرهم من الأجانب ممن أصبحوا من أصحاب الملايين نتيجة قيامهم بالعمل في مجالات تصدير القطن المصري .
وأختلفت "بورصة مينا البصل" عن "بورصة المنشية" ، حيث كان التعاقد في "بورصة مينا البصل" يتم على أساس التعامل على الأقطان الجاهزة وقت التعاقد ، فهي كانت أشبه بسوق الخضر والفاكهة حيث تعرض فيها البضائع ويتم شراؤها فوراً بعد المعاينة فالأستلام ودفع الثمن ، أما فيما يخص "بورصة الأوراق المالية بالمنشية" فكانت تختص بالعقود حيث كان القطن فيها ليس مجهزراً للتسليم الفوري وإنما أجلا حيث يستحق التسليم في المستقبل.
وقد تمكنت الحكومة من إخضاع "بورصة العقود" لإشرافها عام 1909م بينما تأخر ذلك الإشراف على "بورصة مينا البصل" للبضاعة الحاضرة حيث جاء إشراف الحكومة عليها عام 1931م ، وظلت البورصة تحت رئاسة الأجانب منذ نشأتها حتى تولى رئاستها "محمد أحمد فرغلي باشا" (ملك القطن) حيث كان أول مصري يتولى الرئاسة وذلك مع نهاية الثلاثينيات من القرن العشرين لتصبح بذلك أول مرة ينتخب فيها صرياً لرئاسة واحدة من أقدم بورصات العالم حيث "فرغلي باشا" في تلك الفترة لازال في سن صغيرة ليصبح الرئيس المصري لبورصة "مينا البصل" في ذات الوقت أصغر من شغل هذا المنصب سنا ، ولتستمر البورصة بعد ذلك في تأدية رسالتها وحتى قيام ثورة يوليو عام 1952م وما أعقبها من تغير في السياسات الإقتصادية للبلاد لتلغي البورصة بعد ذلك في أعقاب عمليات التمصير والتأميم ، وليتبقى للمنطقة المسمى فقط شاهداً على عصرا من الازدهار التجاري ، ولتشهد المنطقة مع بدايات القرن الحادي والعشرين نقلة حضارية جديدة مع وصول مشروع تطوير مجرى ترعة المحمودية إليها وكذا تهذيب منطقة الشون لتوسعة المحاور المرورية بتلك المنطقة التجارية الهامة والحيوية ، ولتسطر بذلك منطقة "مينا البصل" صفحة جديدة من صفحات التاريخ في الإسكندرية .
ليست هناك تعليقات: